
تاريخ العائلة
النشأة العثمانية والنسب التركي
تنحدر عائلة الدالاتي من أصول تركية عثمانية، وقد وصلت إلى بلاد الشام مع حملة السلطان سليم الأول في مطلع القرن السادس عشر الميلادي (العاشر الهجري)، ضمن موجة من العائلات والفرق العسكرية التي رافقت الفتح العثماني للمنطقة. كان أفراد هذه العائلة جزءًا من طائفة عسكرية تُعرف باسم “الدالاتية” أو “الدالاتي”، وهي مشتقة من الكلمة التركية “Deli” التي تعني “المقدام” أو “المتهور”، وقد أُطلق هذا الاسم على فرق من الجنود غير النظاميين الذين اشتهروا بالشجاعة والاندفاع في المعارك
الانتشار في بلاد الشام
بعد الفتح، استقر أفراد العائلة في عدة مدن سورية، أبرزها حمص، دمشق، حلب، الزبداني، اللاذقية، سلمية وجبلة. كما انتشروا لاحقًا في لبنان (باسم دلاتي)، وفي دول المغرب العربي (دالائي)، ووصلوا إلى أوروبا عبر ألبانيا والبوسنة والأناضول. في مدينة حمص، سكنت العائلة حي التركمان الذي كانت من أوائل من أسسه، وساهمت في بناء المدينة وتطويرها. ومن الرموز التاريخية التي ارتبطت بها العائلة في حمص، قيامها بسد أحد أبواب سور المدينة بالحجارة، فيما عُرف لاحقًا بـ”الباب المسدود”، في إشارة رمزية إلى أن العثمانيين سيكونون آخر الفاتحين للمدينة.
الدور الاجتماعي والمهني
تميّز أفراد عائلة الدالاتي عبر القرون بالشجاعة، الفكر الثاقب، والمهارة الحرفية النادرة، مما جعلهم يحتلون مكانة مرموقة في المجتمع العثماني. وقد اعتمدت الدولة العثمانية على شخصيات من هذه العائلة في إدارة شؤون داخلية وخارجية، وتولّى بعضهم مناصب إدارية في ولايات عثمانية مختلفة. في القرون 12–14 هجري، برزت العائلة في مجالات التجارة، الطباعة، الزنكوغراف، التعليم، والصناعات الحرفية، وكان لها حضور قوي في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمدن التي استقرت فيها.
البعد الروحي والثقافي
من أبرز رموز العائلة الروحية الشيخ أحمد الطوظقلي، أحد أعلام الطريقة النقشبندية في حمص، والذي ساهم في نشر الفكر الصوفي المعتدل، وحسين دالاتي الذي قام ببناء جامع الدالاتي. كما برز من العائلة شعراء وأدباء ومثقفون، منهم من نال جوائز أدبية مرموقة، وكتب في النقد الفني والثقافة البصرية، مما يعكس البعد الثقافي المتجذر في هوية الأسرة.
في وجه التحديات الحديثة
رغم التحديات السياسية والاجتماعية التي واجهتها سوريا والمنطقة، بقيت عائلة الدالاتي محافظة على تماسكها، وبرز منها شهداء في الثورة السورية، ما يدل على استمرار حضورها في المشهد الوطني والإنساني. كما أن جهود أبناء العائلة في تأسيس منزل الأسرة في حمص، والجمعية الخيرية، والموقع الإلكتروني، تعكس رغبة حقيقية في الحفاظ على الإرث، وتطويره بما يواكب العصر.

